الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

رسالة إلى رئيس الجمهورية



رسالة إلى رئيس الجمهورية

: بتاريخ 27 - 10 - 2009
حضرة فخامة السيد/ محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية
تحية طيبة مباركة من عند الله وبعد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أرجو ان تسمح لي سيادتكم بأن أشرف بأن اتحدث معكم بقلب مفتوح راجياً من الله سبحانه و تعالى ان يُعينني على ان أتحدث معكم بما يمكن ان يكون خيراً لديننا و دنيانا إن شاء الله.

سيادة الرئيس:
أتحدث مع سيادتكم بصفتي مواطناً مصرياً تستدعي مصريته ان يكون احد رعاياكم كما تستدعي ايضاً ان أتقدم لسيادتكم بما قد أراه مفيداً لكم من نصح و إرشاد و الأمر أولا و أخيراً هو لله سبحانه و تعالى ثم لسيادتكم مفوضاً بما اتاك الله من فضله في حكم مصر.

سيادة الرئيس:
تعلمون افضل مني ان سنة الله في خلقه هي التغيير و انه يأتي لا محالة سواء برضا المرء عنه او بقضاء الله تعالى الذي لا يرد قضائه (ونحمده عليه كله حمداً يليق به سبحانه) - متعك الله بالصحة و العافية و امد في عمرك - و عليه فلا حرج إن تحدثنا عن مستقبل الأمة فهو واجب علينا كرعايا و التفكير فيه فرض عليكم كحاكم مسؤول أمام الله و رسوله عن أهل مصر التي اتاك الله حكمها.

كما تعلمون سيادة الرئيس ان العمر إذا ذهب لا يعود غير ان الله سبحانه و تعالى جواد كريم يعطينا الفرصة تلو الفرصة لكي نصلح ما قد يكون بدر منا من هنّات و أخطاء كبشر نخطئ و نصيب و لا يزال معنا ما دمنا نسعى إلى رضاه و نخشى غضبه و نتقي سخطه و عذابه.

سيادة الرئيس:
مستنداً إلى تصريح سيادتكم أكثر من مرة في الماضي المتوسط و البعيد برفضكم موضوع تولي نجلكم الأصغر السيد/ جمال مبارك الحكم من بعدكم - أطال الله عمركم - و تصريحات نجلكم الكريم ذاته - (وهو ما أصطلح على تسميته بالتوريث) أتوجه لسيادتكم بإقتراح لا أجد أن لي أي حق في إقتراحه إلا كوني مواطناً مصرياً أولاً و أخيراً أبغي الخير للوطن و أهله و متحدثاً في حدود ما لدي من معلومات تتناقلها الصحف المطبوعة أو الإلكترونية.

الحق يا سيادة الرئيس انني أرى - بعد إذن سيادتكم - انه لا تزال امام سيادتكم فرصة أكيدة لكي يحفظ لكم التاريخ مكاناً و مكانة عاليين بين الحكام العرب و العالم أجمع (تستحقها إن شاء الله) و أن أوان هذه الفرصة إنما هو الأن و هو خير وقت لها و خير ميعاد.

سيادة الرئيس:
تعلمون سيادتكم ان الدستور المصري قد اتاح للسيد رئيس الجمهورية ان يترشح لمنصب الرئيس مرات و مرات و بدون حد أقصى كما و انه اتاح له - إن اراد - ان يختار لنفسه نائباً عنه او عدة نواب يقومون بما يراه لهم من أعمال يكلفهم بها.

و تعلمون سيادتكم ان رؤساء الجمهورية في جمهورية مصر العربية ممن تولوا المنصب من قبل تشرف سيادتكم به إنما قد إستمدو شرعيتهم من شرعية ثورة الثالث و العشرين من يوليو للعام 1952 و قد إستمرت تلك الشرعية من بعد ذلك حتى تم نصر أكتوبر العظيم الذي سطرته دماء شهدائنا بأحرف من نور في تاريخ البشرية كلها كمعجزة عسكرية (رغم انف الحاقدين) لم يعرف العالم لها مثيلاً و من نافلة القول ان سيادتكم كنتم احد أركان هذا النصر و أحد أطرافه تحت قيادة الرئيس الراحل المرحوم بإذن الله السيد/ محمد انور السادات.

و تعلمون سيادتكم أنه و بعد الإنتصار ظهرت على السطح شرعية جيل السادس من أكتوبر (العاشر من رمضان) و كنتم سيادتكم حلقة الوصل بين الشرعيتين و تحملتم المسؤولية الضخمة التي ألقيت على عاتقكم و نعتقد انكم قد قمتم بها بخير ما تستطيعون.

و تعلمون سيادتكم أيضاً ان الزمن قد مر وولى و ان أصحاب الشرعيتين منهم من لقي وجه ربه و منهم من ينتظر و انه بدورة الزمان و مروره أصبحت شرعية أكتوبر نفسها غير كافية لتغطية أي رئيس جديد لمصر من بعدكم - أطال الله عمركم. كما انكم تعلمون ان كلاً من شرعية ثورة الثالث و العشرين من يوليو و شرعية أكتوبر إنما إكتسبت زخمها كونها احداثاً فاصلة غيرت مجرى الواقع في مصر بمعنى انها كانت أحداثاً طارئة على مصر تطلبها الواقع الذي كانت تمر به طبقاً لكل شرعية و لكل مرحلة من المراحل التي حدثت بها هذه الأحداث العظام.
غير انكم تعلمون ولا يخفى على فطنتكم انه و بمرور الزمن تفقد هذه الأحداث قوتها الدافعة و إن كانت ابداً لا تفقد معانيها العظيمة و الرائعة التي تدل على قدرة هذا الشعب العظيم على التغيير إذا ما إقتضت الضرورة ذلك. و عليه يا سيدي فإنه و مهما كان عظم الحدث الذي يغطي بشرعيته حاكم مصر فإنه و في النهاية لابد من شرعية مرجعية تكون لها دوماً الكلمة الفصل حيث انها تستمد شرعيتها من ذاتها لا من حدث تغير الأيام من طبيعته و تفقده مع الوقت حساسيته (لا أهميته) و انا هنا أعني - الشرعية الدستورية. تلك الشرعية التي ستغطي أي رئيس قادم لمصر و ستسمح له ان يتولى سفينة القيادة من بعد سيادتكم - أمد الله في عمركم.

فأما أمر الدستور فما انا بمن يعطي لنفسه الحق في الحديث عن هذا الموضوع في وجود الكثيرين ممن هم أقدر مني على الحديث فيه غير انني هنا أسعى للمبدأ الذي أراه (كمواطن مصري) حلاً لمشكلة ستمر بها مصر إن أجلاً أو عاجلاً.

سيادة الرئيس:
إن أذنت و سمحت لي فإنني أقترح على سيادتكم الأتي حسماً لما أعلم تماماً انك لا تريده و لا تتمناه لمصرنا الغالية:

1- أن تبادر سيادتكم بتغيير المادة الـ 77 من الدستور الخاصة بالسماح للسيد رئيس الجمهورية بالترشح لفترات غير محددة العدد بأن يتم النص فيها صراحة على ان يكون للرئيس حق الترشح لفترتين إثنتين فقط أياً كانت الظروف إلا إذا كانت مصر في حال حرب - لا سمح الله - فيجوز للرئيس وقتها ان يستمر في منصبه حتى تضع الحرب أوزارها (و تخرج منها مصر منتصرة) إن شاء الله على ان تحصن دستورياً بضمان عدم اللعب بها أو بمعناها وإن تطلب ذلك ان ينص على عدم تغييرها صراحة.

2- أن تبادر سيادتكم بتعيين نائب أو عدة نواب (بالكيفية التي تترائى لسيادتكم) و ان يتولى/ يتولوا فيها عدة ملفات هامة تكون سيادتكم فيها لهم القائد و المُعين و صاحب الكلمة الفصل لما لكم من فضل و خبرة (هي في الأصل ملك لمصر) بحيث يكون أو يكونون وقتها في خدمة قرارات سيادتكم.
وإن جاز لي أن أسترسل في مقترحي هذا - الخاص بالنقطة الثانية - و مع الأخذ في الإعتبار ان لسيادتكم مطلق الحرية في إختيار نائبكم/ نوابكم - إلا أنني ارى - بعد إذنكم - أن يكون/ يكونوا من المدنيين المشهود لهم بطهارة اليد و حسن السمعة و السيرة معاً.

نعم نعلم أن الخبرة العسكرية مطلوبة في منطقة كمنطقتنا التي نحن بها و للظروف التي نعلمها و ندرك أبعادها لكنني أرى أن إنتقال الحكم لمدني فيه تمام الدستورية الشرعية التي هي الشرعية الأساس لأي حكم ما كان و في النهاية فإن كلاً من المدني و العسكري هما مصري في المقام الأول و الأخير و سيسعيان لصالح مصر إن شاء الله.

سيدي سيادة الرئيس:

أكرر أنني ما أقدمت على مخاطبة مقام الرئاسة العالي إلا رغبة في ان اشارك كمصري في صياغة رؤية لمستقبل بلادي بعد ان لاحت لي على البعد أسماء لا نثق بها و ليس لها من النزاهة نصيب - و لا تتمتع بحب الشارع و لا تعرف كيف تتحس نبض الجماهير- أسماء تتربص لفرصة تنقض فيها على مصر و مراكز القرار بها تريد ان تصيب لنفسها مصالح خاصة على حساب وطن نعلم تماماً انك تحبه و تخشى عليه وانك وضعت دوماً حياتك فداءاً له.

أتمنى من الله العلي القدير ان أكون قد وفقت في إختيار كلماتي و حديثي إليكم و أن تغفر لي تجرأي على مقامكم الرفيع و أن تتقبل مني كمواطن مصري التحية و التقدير و الدعاء إلى الله لكم بتمني تمام الصحة و العافية
عبدالحليم عبد الحليم