الأربعاء، 5 أغسطس 2009

العار .. لا يستره شيء

العار .. لا يستره شيء !

جمال سلطان (المصريون) : بتاريخ 5 - 8 - 2009
قضي الأمر ، واعترف المزور بجريمته علنا وعلى رؤوس الأشهاد ، ولم يعد هناك مجال للمماحكة أو الجدال ، بعد الاعترافات الخطيرة التي قدمها سيد القمني بخط يده ونشرتها صحيفة المصري اليوم أمس ، والتي أقر فيها بأن شهادة الدكتوراة التي ادعى أنه حصل عليها من الولايات المتحدة بالمراسلة هي شهادة مزورة ، وأنه "غرر به" ـ يا عيني ـ ولم يكن يدرك الفارق بين الجامعة الحقيقية والجامعة الوهمية نظرا لأن وسائل الاتصال وقتها لم تكن متقدمة بشكل كاف ، وأحنى "المزور" رأسه للمرة الأولى أمام صحيفة المصريون ، واعترف بفضلها في تتبع خيوط جريمة التزوير وادعى أنه لم يكن يعلم بالتزوير حتى قامت صحيفة المصريون "بالبحث والتقصي" واكتشفت الجريمة ، والحمد لله ، ذي المنة والجلال ، والعظمة والجبروت ، الذي جعل من اتهمنا بالكذب ورمانا بالباطل أن يعترف علنا وعلى رؤوس الأشهاد بفضلنا ، ويأتي بهذا المغرور المتعجرف بذيء اللسان صاغرا محني الرأس ذليل الموقف أمام الصحيفة التي ضبطته متلبسا بالجريمة ، وأصبح الرأي العام المصري أمام مشهد هزلي مهين لمصر الدولة والثقافة والأخلاق ، فقد ورط فاروق حسني الدولة المصرية في منح جائزتها الرفيعة إلى مجرم مزور محترف باع ضميره واشترى شهادة مزيفة للدكتوراة تسلل بها إلى الحياة العلمية وإلى مؤسسات الدولة لكي ينال أرفع جوائزها ، والطريف أن القمني في اعترافاته التي انتظر عشرة أيام كاملة لكي يدبجها بتمهيد طويل عريض لتشتيت ذهن القارئ عن صلب اعترافاته ، أراد أن يمهد لاعترافه بتحقيره للجامعات المصرية حيث ادعى أنه أراد أن يحصل على الدكتوراة من جامعة عالمية كبيرة تتيح له العمل في جامعات أوربا ، وأنه وجد أن الجامعات المصرية غير معترف بها دوليا ، بينما هذا الأفاق المزور كان أول شيء فعله بعد أن اشترى الشهادة المزيفة أن جاء إلى القاهرة وقدمها للمجلس الأعلى للجامعات من أجل أن يعادلها له بشهادة مصرية ، فإذا كانت الجامعات المصرية تافهة وغير معترف بها لماذا هرولت بشهادتك المضروبة لكي تعادلها بشهادة مصرية أيها الأفاق ، وهي كلها تناقضات مثيرة تعتري اللصوص والمجرمين عندما يتم ضبطهم متلبسين بجرائمهم فيحاولون الهرب من وقع الفضيحة فيتورطون في المزيد من الفضائح (كالذي يتخبطه الشيطان من المس)، والقمني أضاف إلى سجل جرائمه جريمة تزوير جديدة ، حيث ادعى في مقاله المنشور أنه استصدر شهادة من المجلس الأعلى للجامعات المصرية بالدكتوراة ونشر وثيقة مزعومة مع مقاله على أنها شهادة المعادلة ، وهي تزوير جديد ، ماكينة تزوير لا تتوقف ، لأن الورقة المنشورة ليست شهادة أبدا ، وإنما إفادة عامة يستخرجها أي مواطن عادي بعد دفع الرسوم المقررة عند استفساره عن جامعة من الجامعات الأجنبية ومدى قبول الشهادات التي تصدرها ، فيتم إفادته بأن هناك قرار وزاري رقم كذا وكذا ، فدلس القمني على القارئ وزعم أنه حصل على معادلة ، وهو الآن في كل خطوة يحاول فيها الهرب من الفضيحة يرتكب جريمة جديدة ، وأعتقد أن السادة المحامين أصبحوا أمام مهمة سهلة الآن بجريمة مزدوجة ، جريمة تزوير شهادة علمية وجريمة تزوير واتهام لمؤسسة وطنية ، وهي المجلس الأعلى للجامعات ، ولا بد من تقديم هذا المزور إلى العدالة ، وأناشد كل الشرفاء في هذا الوطن من كتاب ومثقفين وصحفيين أن يعلنوا أصواتهم بوضوح ضد عصابة الفساد في وزارة الثقافة ، وأن يطالبوا فاروق حسني راعي المزورين باتخاذ القرار الأخلاقي الملزم له بسحب الجائزة من سيد القمني والاعتذار للشعب المصري عن تسرع الوزارة بمنحه الجائزة ، المسألة لم تعد قضية رأي ولا وجهة نظر ولا حرية فكر ، وإنما المسألة بوضوح أننا أمام اعتراف صريح بجريمة تزوير مزدوجة بطلها منحته الدولة جائزتها التقديرية بوصفه رمزا من رموز مصر ، ... عار !!
gamal@almesryoon.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق